الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس 13/5/2025

 

 

اسرائيل عبء بالنسبة للرئيس الامريكي، والسعودية ذخر استراتيجي يضمن مكاسب سياسية واقتصادية

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

يجب الاعتراف بان دونالد ترامب يعرف كيفية بناء مسرحية، حتى اللاعبون الرئيسيون فيها لا يعرفون ما هي ادوارهم، والى اين ستوصلهم الحبكة، ومتى وكيف ستنتهي القصة. ترامب مثل المخرج الذي يتعاطى المنشطات، يصل الى السعودية اليوم بعد 115 يوم في السلطة، هز فيها العالم وتسبب بزلازل كثيرة، التي في ظروف عادية كانت تحتاج الى عمر كامل من اجل تركيب اجزاءها. عمليا، ترامب لم يحل أي شيء. ففي اوكرانيا ما زالت الحرب مستمرة، والاتفاق النووي مع ايران لم يتم التوقيع عليه بعد، والحرب التجارية هدأت قليلا ولكنها لم تنته، وفي الشرق الاوسط هو فقط قام برعاية الامكانية التي تنتظر التحقق. بهذه الامكانية لا يمكن شراء أي شيء في البقالة. الذخر الاساسي الموجود الان لترامب هو قدرته المثبتة على فرض الرعب وافشال أي توقع عقلاني لسلوكه، وكأن الرئيس الامريكي هو مشهد غير متوقع لتغير المناخ الذي يضرب الكرة الارضية.

الفرضيات الاساسية تشكل اساس الجهود المبذولة لتفسير الكيفية التي ستنتهي فيها زيارته في الشرق الاوسط. الفرضية الاولى هي أن هناك من يعتقدون أن ترامب يسعى الى الانسحاب من مناطق الحروب العالمية والاقليمية. والفرضية الثانية هي أن الاعمال التجارية بكل معنى الكلمة العملي، هي التي تحركه. في الوقت الحالي يبدو أن “الانفكاك” أو انعزال الولايات المتحدة عن المناطق الملتهبة في العالم، يجعلها متورطة عميقا في هذه الصراعات لخلق اجواء السلام والاستقرار التي تحتاجها “الاعمال التجارية” كي تزدهر. على هذه المحاور يتوقع أن يلعب الشرق الاوسط دور محوري. ولكن منذ وصول ترامب الى المنطقة قبل ثماني سنوات تقريبا تغير المشهد وتغير التهديد وتغير اللاعبون الرئيسيون ايضا.

ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الزعيم الشاب الذي بدأ حياته السياسية قريبا من وقت تتويج ترامب كرئيس في المرة الاولى، بدأ في حينه بحرب طويلة، متعبة وعديمة الجدوى مع الحوثيين في اليمن بدعم كامل من ترامب. في 2018، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الاصلي مع ايران، تحول ابن سلمان الى شخصية غير مرغوب فيها في الولايات المتحدة وفي كل العالم بسبب التورط المباشر في قتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي.

مغامرات ابن سلمان لم تنته هنا. فهو “اختطف” رئيس حكومة لبنان سعد الحريري لاجباره على الاستقالة من اجل ان يبعد حزب الله عن الحكومة ويبعد نفوذ ايران. الخطوة انتهت بفشل ذريع. ابن سلمان بادر ايضا الى المقاطعة والحصار على قطر، وضم اليه اتحاد الامارات والبحرين ومصر في خطوة استهدفت ايضا فصل قطر عن ايران. بعد اربع سنوات من الحصار عادت قطر الى “الحضن العربي” بكل القوة، شروط السعودية لازالة المقاطعة تم رفعها، وقطر والسعودية اصبحت شريكة في ادارة شؤون الشرق الاوسط.

منذ ذلك الحين تعلم ابن سلمان درس أو اثنين، قام بتشكيل من جديد السياسة الخارجية للمملكة واعادها الى مكانة الدولة التي تملي السياسة الاقليمية، وعلى الطريق قام ببناء لها شراكات مع دول عظمى مثل الصين وروسيا، الامر الذي طمس التزامها بدولة عظمى واحدة، الولايات المتحدة، والاعتماد المطلق عليها. وقف اطلاق النار الذي وقع عليه مع الحوثيين في 2022 واستئناف العلاقات الدبلوماسية مع ايران بعد سنة، اوجدت المدماك الاول في سياسة السعودية الخارجية، التي راكمت الفرص التي خلقتها الحرب في غزة.

 

فرص ضائعة

 

اسرائيل خلقت فرص كهذه عندما حطمت مكانة حزب الله، وهكذا منحت الحياة للعملية التي ادت الى اسقاط نظام الاسد، وقلصت مدى نفوذ ايران. مع ذلك، اسرائيل لم تتمكن من استغلال الفرص من اجل بناء استراتيجية اقليمية جديدة. السعودية في المقابل، حولت المادة الخام السياسية هذه الى منتج مربح. الدعم السريع والكبير لها للنظام الجديد لاحمد الشرع في سوريا، والدعم الحيوي الذي تمنحه السعودية لنظام جوزيف عون ونواف سلام في لبنان، اضافة الى ضعف ايران، فقد وضعت في يد المملكة الوسائل التي ستشق الآن لترامب المسار للانسحاب من المنطقة، حيث لديه محفظة اقتصادية وسياسية مليئة.

السعودية، التي رفضت الانضمام الى تحالف الولايات المتحدة ضد الحوثيين، ولم تتميز بتطبيق فرض العقوبات الامريكية على روسيا، اوضحت انها لا تنوي اظهار الخضوع المطلق لاملاءات واشنطن، واشارت الى أنها هي التي تقوم بصياغة قواعد اللعب. السعودية، التي عارضت علنا الاتفاق النووي مع ايران في 2015، وهكذا تساوقت مع ادارة ترامب ومع اسرائيل، تشجع الآن الولايات المتحدة على الدفع قدما بالمفاوضات مع ايران والتوصل الى اتفاق يمنع الحرب.

التطبيع مع اسرائيل، الذي وافقت عليه السعودية في فترة الرئيس بايدن، كي تحصل على حلف دفاع مع الولايات المتحدة والمصادقة على مشروعها النووي، لم يعد مطلوب من  السعودية من اجل عقد حلفها الجديد مع ترامب. هذا الحلف يشمل مشتريات عسكرية بمبلغ 100 مليار دولار، المصادقة المبدئية على تطوير مشروع نووي سلمي. الآن السعودية هي الذخر الاستراتيجي الذي يلتزم به ترامب، في حين أن اسرائيل تطور وبسرعة مكانة العبء الاستراتيجي لأنها تمسك بيدها المفتاح للاستقرار المطلوب للمنطقة ولترامب من اجل تحقيق المكاسب السياسية والاقتصادية.

السعودية ابعدت نفسها خلال سنين عن الانشغال المباشر بالقضية الفلسطينية. هي لم تكن مشاركة في صفقات المخطوفين، وبشكل عام اكتفت بموقف المراقب، الذي لم يجبرها على صياغة سياسة أو التاثير على سياسة الولايات المتحدة ودول المنطقة. ولكن توسع الحرب وحجم القتل والدمار الذي تسببت به اسرائيل لقطاع غزة، كل ذلك اجبر السعودية على تغيير موقفها والتدخل. قبل الحرب ربطت التطبيع مع اسرائيل فقط بوجود شرط ضبابي غير ملزم، طالب بتحسين ظروف حياة الفلسطينيين. ولكن بعد ذلك حددت للتطبيع شرط جديد، صريح لا هوادة فيه، وهو أنه يجب على اسرائيل اتخاذ خطوات لا يمكن التراجع عنها والتي تنتهي باقامة الدولة الفلسطينية.

الى جانب ذلك رفضت السعودية بشكل قاطع “خطة الريفييرا” لترامب، التي ترتكز على تهجير 2 مليون فلسطيني من غزة. ترامب، الذي في البداية استخف بمعارضة مصر والاردن، لم يكن باستطاعته تجاهل موقف السعودية الحازم. التهجير شطب من جدول الاعمال، ومعه غابت الريفييرا. وقد حل مكانهما الآن كل انواع الطروحات والبرامج والافكار لادارة غزة. آخرها، الذي تم التحدث عنه في وسائل الاعلام العربية وفي وكالة “رويترز” ولكن لم يحصل على أي مصادقة رسمية، يتحدث عن ادخال كثيف للمساعدات الانسانية التي ستوزعها شركات امريكية بحماية امريكية، التي ستعمل داخل غلاف دفاع اسرائيلي. حتى لو خرج الى حيز التنفيذ الآن، فانه لا يستجيب لشرط حماس الاساسي، المطالبة بوقف الحرب وانسحاب الجيش الاسرائيلي من القطاع، وفي المقابل استعدادها للابتعاد عن ادارة غزة ونقلها الى ادارة “جسم فلسطيني”، لكن ليس لقوات اجنبية.

خطة اخرى مفصلة اكثر تتحدث عن اقامة ادارة امريكية يشارك فيها ممثلون فلسطينيون، من غير حماس، أو السلطة الفلسطينية، وممثلون عن دول عربية اخرى، على صورة الادارة الامريكية التي اقيمت في العراق بعد احتلاله في 2003. هذه الادارة ستكون مسؤولة مثلا عن جمع سلاح حماس وترميم البنى التحتية في القطاع. حسب موقع “الشرق” السعودي، الذي اقتبس مصادر رفيعة في حماس، فان الاخيرة عرضت على الولايات المتحدة خطة تقول بأنها ستكون مستعدة لاطلاق سراح جميع المخطوفين مرة واحدة مقابل اطلاق سراح عدد متفق عليه من السجناء الفلسطينيين، وقف دائم لاطلاق النار وانسحاب اسرائيل من القطاع، ادارة القطاع على يد قوة مهنية مستقلة تحظى بكل الصلاحيات، اتفاق ترتيبات امنية التي ستضمن الهدوء لسنوات الى حين التوصل الى حل سياسي وادخال المساعدات الانسانية.

حسب هذا التقرير فان حماس ستكون مستعدة لتسليم سلاحها لدول الوساطة – اقتراح يشبه الاقتراح الذي سمعه ادم بهلر، المبعوث السابق لترامب لشؤون المخطوفين، مباشرة من خليل الحية، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس. القاسم المشترك بين كل هذه الخطط هو انه ليس فقط اسرائيل تستبعد كل عملية ستسحب منها السيطرة المطلقة في القطاع، حتى الآن لا توجد أي جهة فلسطينية او عربية مستعدة للمشاركة في التطبيق او على الاقل التمويل طالما ان اسرائيل تواصل سيطرتها في القطاع. محمود عباس، الذي غير معروف اذا كان سيلتقي مع ترامب في السعودية، والذي رفض اقتراح مصر تشكيل “لجنة مساعدة اجتماعية”، يعارض نقل السيطرة الى أي جهة فلسطينية أو عربية لا تخضع للسلطة الفلسطينية. هذا ايضا هو موقف اتحاد الامارات.

بالنسبة للسعودية، عندما الحلف الاقتصادي والعسكري مع الولايات المتحدة والمصادقة المبدئية على الدفع قدما بالمشروع النووي المدني اصبحت توجد في جيبها، وبعد ضمان وقف التهجير، فانه من غير الواضح اذا كانت المملكة سترغب في الانخراط في قلب الصراع الفلسطيني ووضع خطة عمل على مكتب ترامب لـ “اليوم التالي”. بدون وجود شرط سعودي يطالب بحل، فانه مشكوك فيه ايضا اذا كان ترامب نفسه سيرغب في الاستمرار في التدخل في قضية غزة بعد ان وعد على الاقل باطلاق سراح “اسيره” عيدان الكسندر، لأنه على جدول الاعمال المشترك له ولابن سلمان اصبح الاتفاق النووي مع ايران اكثر اهمية من غزة، أو حل القضية الفلسطينية بشكل عام.

 

 

-------------------------------------------

 

 

يديعوت 13/5/2025

 

 

إجراءات تسوية الاراض في الضفة يتناغم مع قرار الكابنت ضم المناطق بحكم الامر الواقع

 

 

بقلم: اليشع بن كيمون

 

 

بهدوء تام، من تحت الرادار، تواصل حكومة إسرائيل الدفع قدما بنشاط الضم في يهودا والسامرة. هكذا مثلا، ستنعقد لجنة الخارجية والامن للبحث في مشروع قانون “الغاء التمييز في شراء الأراضي في يهودا والسامرة”، والذي يمنح المستوطنين الحق في شراء الأراضي خلف الخط الأخضر، بما في ذلك في داخل بلدات فلسطينية، وإقامة بلدات دون رقابة الدولة تقريبا. من شأن المشروع ان يشعل المنطقة ويوقظ التصعيد في المناطق.

 

 

يتبين أنه في الوقت الذي تتدهور فيه العلاقات الإسرائيلية – الامريكية يدفع أعضاء الائتلاف قدما بسلسلة قوانين صغيرة ظاهرا، تسعى معا الى خلق تغييرات بعيدة الأثر في الواقع الأمني والسياسي.

 

 

غدا ستبحث لجنة الرقابة على صندوق مواطني إسرائيل، برئاسة النائب من الليكود نسيم فاتوري في ربط الغاز الطبيعي في يهودا والسامرة، بمشاركة وزير الطاقة والبنى التحتية ايلي كوهن.

 

 

إضافة الى ذلك، في الأسبوع الماضي اقر النائب من الصهيونية الدينية سمحا روتمان في لجنته للقراءة الأولى مشروع قانونه الذي يقضي بالتنصيص في القانون اصطلاح “يهودا والسامرة” كالاسم الرسمي في كل التشريع الإسرائيلي للضفة الغربية – الامر الذي يواصل تطبيع الاستيطان خلف الخط الأخضر. مشاريع قوانين أخرى توجد في عملية التشريع هي مشروع قانون سلطة الاثار الذي ينقل صلاحيات العمل في الاثار والحفريات الاثرية في يهودا والسامرة من الجيش الإسرائيلي الى سلطة الاثار (التي هي سلطة حكومية)؛ والمشروع بتعديل قانون تجميد أموال دفعتها السلطة الفلسطينية بعلاقة مع الإرهاب من الاموال التي تنقلها اليها حكومة إسرائيل، تقتطع إسرائيل أموالا من السلطة الفلسطينية على سيارات إسرائيلية مسروقة.

 

 

كل هذا ينضم الى القرار الذي صادق عليه في بداية الأسبوع الكابنت السياسي الأمني وبموجبه فان رجال سموتريتش في مديرية التسوية سيبدأون في الأسابيع القريبة القادمة تنفيذ مسح للأراضي في مناطق يهودا والسامرة، ما سيؤدي الى ضم أراض أخرى هناك كاراضي دولة.

 

 

هدف القرار الذي وقف خلفه وزير الدفاع إسرائيل كاتس ووزير المالية سموتريتش هو استئناف تنفيذ تسوية الأراضي الرسمية من قبل دولة إسرائيل في منطقة يهودا والسامرة، ووقف محاولات السلطة الفلسطينية تنفيذ إجراءات تسوية الأراضي غير القانونية في مناطق ج بخلاف الاتفاقات.

 

 

في بيان الوزيرين سموتريتش وكاتس جاء: “في اطار مشروع القانون سيتقرر ان إجراءات التسوية التي تنفذها السلطة الفلسطينية في المناطق ج تتم بلا تخويل، ونتائجها – بما في ذلك الوثائق، الخرائط، التسجيلات والاذون – ستكون عديمة المفعول القانوني او المكاني في كل اجراء رسمي في دولة إسرائيل. إضافة الى ذلك سيوجه جهاز الامن للعمل على منع استمرار التسوية الفلسطينية بما في ذلك منع دخول المهنيين الى الأرض، وقف المساعدات الأجنبية للتسوية ومطالبة مباشرة من السلطة الفلسطينية لالغاء عملها في هذا المجال. وزير الدفاع يأمر أيضا باستئناف تسوية الأراضي في يهودا والسامرة من قبل السلطات الإسرائيلية في المنطقة، وكذا بإقامة فريق من عدة وزارات لاستكمال الاستعدادات المهنية، القانونية والمالية لتنفيذ الخطوة في غضون 60 يوما”.

 

 

 يدور الحديث عمليا عن مرحلة أخرى في سلسلة إجراءات دراماتيكية تقع في يهودا والسامرة في السنتين الأخيرتين: بعد أن نزع على نحو شبه تام صلاحيات الإدارة المدنية، اقام مديرية التسوية، نقل اذون البناء في المستوطنات الى اسبوعيات، وسع إقامة المزارع، ونفذ سلسلة إعلانات عن مناطق مختلفة كاراضي دولة، يواصل سموتريتش الى الخطوة التالية – شطب مسوح الأراضي التي نفذها الفلسطينيون في مناطق مختلفة في الضفة واجراء مسوح جديدة يقوم بها رجاله.

 

 

احدى المشاكل التي يواجهها المستوطنون في الطريق الى توسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية هي “ارض فلسطينية خاصة”. هذه أراض اثبت أصحابها في الماضي بانها تعود لهم منذ عهد الحكم الاردني. اما الان، مع قرار الكابنت فان أراضي كثيرة في الضفة ستجتاز مسحا جديدا من رجال سموتريتش في المديرية، واذا وجدت كهذه فسيعلن عنها كاراضي دولة. هذه خطوة أخرى من خلالها يمكن لحركة الاستيطان ان تعلن عن مزيد من الأراضي كاراضي دولة.

 

 

“القرار يلغي محاولات السيطرة من جانب السلطة الفلسطينية على الأراضي في المنطقة ج ويؤدي، قيادة وزارة الدفاع الى تسوية لتسجيل الأراضي في المنطقة”، قال وزير الدفاع كاتس. “الحرب الأخيرة اثبتت بان الاستيطان في يهودا والسامرة هو سور واقع للتجمعات السكانية الإسرائيلية في منطقة الوسط – وعلى دولة إسرائيل أن تفعل كل شيء كي تحمي وتعزز من يحمي بلدات وسكان إسرائيل”.

 

 

وشرح الوزير سموتريتش قائلا: “في اطار ثورة التطبيع والسيادة بالامر الواقع التي نقودها في يهودا والسامرة اتخذنا قرار كابنت هام. لأول مرة دولة إسرائيل تأخذ المسؤولية عن المنطقة كصاحبة سيادة دائمة وتبدأ بتنفيذ تسوية الأراضي في يهودا والسامرة. تسوية الأراضي ستخلق يقينا قانونيا، تتيح احتياطات ارض لتنمية الاستيطان وتصفي خطر دولة الإرهاب الفلسطينية”.

وعلى حد قول د. يوحنان تسوريف، الباحث في معهد بحوث الامن القومي للشؤون الفلسطينية فان هذه الإجراءات هي نوع من الضم غير الرسمي الذي تقوم به إسرائيل: “هذه مهمة حياة سموتريتش الذي يريد أن يثبت حقائق على الأرض تمنع بكل ثمن أي احتمال لاتفاق سياسي يتضمن دولتين ويجبر إسرائيل على تنازل إقليمي في هذه المناطق. فلئن فعلوا هذا في الماضي بشكل حذر اكثر، فاليوم هذا ببساطة يتم بتسارع”.

-------------------------------------------

 

هآرتس 13/5/2025

 

تحرير عيدان الكسندر كمثال على سلوك الحكومة الاجرامي

 

 

بقلم: يوسي فارتر

 

اهانة وطنية لاذعة مثل التي عانت منها اسرائيل على يد ترامب، لا يمكن أن تحدث الا في ظل الحكومة الحالية التي تطلق على نفسها الوطنية. من فوق رأسها ومن وراء ظهرها كانت تجري مفاوضات مباشرة مع حماس، التي أدت الى اطلاق سراح عيدان الكسندر. بعد التعلم من الفشل السابق فان الامريكيين حافظوا على امن الميدان كي لا يتمكن أي اسرائيلي، لا سيما الامريكي – الاسرائيلي رون ديرمر، من احباط الخطوة مرة اخرى. هذا نجح وعاد عيدان الكسندر، الجندي الاسرائيلي، الى اسرائيل بدون أن يكون لحكومة اسرائيل أي دور في ذلك.

يمكن تخيل، بشيء من الرعب، كيف كانت المعارضة السابقة بقيادة نتنياهو ستتصرف لو أن حكومة بينيت – لبيد استيقظت في الصباح واكتشفت ان الرئيس الامريكي توسط لاطلاق سراح جندي لديه جنسية مزدوجة من خلال التفاوض مع “النازيين الجدد”. جو بايدن لم يكن شجاع بما فيه الكفاية، مثلما لم تكن كمالا هاريس معادية للسامية ، لكن على الاقل نتنياهو كان يعرف ما الذي يجب فعله – في نهاية المطاف فان كل مهنته هي السم والتدمير، وليس البناء والامل. كم هو عدد مقاطع الفيديو الغاضبة، وما هي احاطات التشهير التي كان هذا المصدر سيطلقها.

البيان حول تحرير الكسندر تسلمه مساء اول امس مثلنا جميعا. السماء سقطت على مكتب رئيس الحكومة. هذا جعله لا ينام في الليل، مسكين، ومحاميه اشار الى أنه “نام فقط ساعة ونصف”. مهم معرفة اذا كان نام هذا الوقت بضمير مرتاح. المتحدثون بلسانه في وسائل الاعلام سارعوا الى توبيخ الرئيس ترامب، كيف يتجرأ على التحدث مباشرة مع منظمة ارهابية قبيحة، وكيف كان المعلقون قبل بضعة اشهر يوبخون اعضاء الادارة السابقة على الجرأة على وقف سلاح معين، وعموما كيف ان دولة رعاية مثل امريكا تتجرأ مرة تلو الاخرى على تلويث فمها بكلمات عن الدولة العظمى اسرائيل؟.

الادارة الامريكية الحالية توصلت بسرعة الى الاستنتاج الذي استغرق بايدن وقت طويل. ها هو ستيف ويتكوف يعطي احاطات لعائلات المخطوفين بأن الحرب في قطاع غزة لم يعد لها أي هدف أو جدوى. ولكن نتنياهو يصمم على مواصلتها. وها هو المسيح، دونالد بن بيرد ترامب، يكتب بأنه يجب وقف “الحرب الوحشية” في القطاع. هذا التعريف يتعلق من ناحيته بالمخطوفين الاسرائيليين، لكن بدرجة اقل بسكان غزة.

التحرير المنفرد لالكسندر أمس والطريقة التي حدث فيها، هي مثل السلوك الاجرامي لحكومة نتنياهو. لا تبادر الى أي شيء، ولا تحرك خطوات، ولا “تنتحر” من اجل انقاذ حياة المخطوفين العشرين الباقين، واحضار الأخرين للدفن. بعد أن تمت اقالة رئيس الشباك المقال، رونين بار، ورئيس الموساد دادي برنياع، في هذه السنة من طاقم المفاوضات، وتم استبدالهما من قبل رون ديرمر الفاشل والمنتفخ، دخلت اسرائيل الى وضع سلبي. الطاقم السابق بادر طوال الوقت، 7/24. الانباء عن ذلك وعن قيود التفويض لهم كانت دورية. هذا اصاب نتنياهو بالجنون. لم تكن لديه نية في أن ينجحوا، بل كان يريد كسب الوقت والتراجع وافشال عملهم. كل ذلك من اجل أن لا يتفكك الائتلاف.

خلافا للاعتقاد السائد فان الفضل في عقد الصفقة السابقة في هذه السنة التي تحرر فيها 33 مخطوف من اسر حماس، هو لرونين بار، الذي خلق مسار متميز ومباشر مع حماس، وبفضله تم تحقيق الصفقة. ترامب، بواسطة ويتكوف، وفر الدعم والاجواء الايجابية، التي بالاساس لم تسمح لنتنياهو بالهرب من الحلبة التي ادخله اليها الطاقم السابق. هذا سبب آخر من ناحيته يجعله يحمل الضغينة الدائمة ضدهم والافتراء عليهم والتحريض ضدهم الى الابد ويطلق عليهم اسم “الدولة العميقة” والزمرة العسكرية.

امس بعد الظهر جرت محادثة هاتفية بين الرئيس الامريكي ورئيس الحكومة الاسرائيلية، التي في اعقابها نشر مكتب رئيس الحكومة نوع من التصريح السياسي، جاء فيه ان نتنياهو شكر الرئيس على “المساعدة في اطلاق سراح عيدان الكسندر”. المساعدة؟ ما صلة ذلك؟ نتنياهو كان آخر من عرف عن ذلك. وفي نهاية المطاف ترامب لم يشكره أبدا، بل شكر قطر ومصر.

ترامب سيهبط اليوم في السعودية (بعد ذلك سيصل الى اتحاد الامارات وقطر) في زيارة هامة، التي تنوء من فائض التوقعات المبالغ فيها. هو سيلتقي مع زعماء شباب، محمد بن سلمان ولي عهد السعودية، محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي ورئيس الحكومة القطرية محمد آل ثاني. ايضا ربما سيلتقي مع الجولاني من سوريا، وزعيم اقل شبابا هو أبو مازن من رام الله. اين نتنياهو خاصتنا؟ في نفس المكان بالضبط. بعد سلسلة اهانات من ترامب تم جره الى ارسال وفد المفاوضات الى الدوحة اليوم. المباحثات مع ايران والاتفاق مع الحوثيين وفرض آلية جديدة للمساعدات وتشغيلها على الفور، كل ذلك هو المقدمة فقط. تحرير الكسندر هو سعادة كبيرة للجمهور الاسرائيلي، لكنه سحق وحشي لدولة اسرائيل. لم يكن امام نتنياهو أي خيار باستثناء رفع علامة نصر معينة.

لكن ليس لمحركي الدمى لديه، ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، ما يقلق. فقد بذل الجهد لتهدئتهم مسبقا وضمان لهم حدود القطاعات، خطة ويتكوف القديمة. نعم، نفس الخطة التي ماتت بالفعل، والتي اعقبها مبادرات للوسطاء. لقد تم القاءها فورا في سلة القمامة كي لا يكون لدى “قوة يهودية” و”العنصرية الدينية” أي فرصة لنبس بنت شفة. الآن نحن عالقون في الحرج. الجيش الاسرائيلي في حالة تاهب لعملية “عربات جدعون”، وكل الشرق الاوسط في حالة تاهب لعربات ترامب، وعائلات المخطوفين في حالة تاهب خوفا من المزيد من الحزن، ونحن جميعا عالقون في عربة الفشل المستمر لحكومة نتنياهو.

-------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 13/5/2025

 

العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة في اختبار كبير وكذلك مكاننا في الشرق الاوسط

 

 

بقلم: البروفيسور ابراهام بن تسفي

 

يؤخذ الانطباع بان دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو يتقدمان بسرعة نحو صدام جبهوي في بالمسائل الجوهرية الإقليمية والعالمية عظيمة المعنى. بالنسبة لترامب فان انهاء سريع للحرب في غزة يعدل كمدماك ضروري في بلورة وبناء ارثه كزعيم مصمم، يعمل بلا كلل على تسوية أو على الأقل استقرار، نزاعات وأزمات خطيرة.

هذا مثلا طلب منذ الان الحظوة على وقف النار في المواجهة العنيفة بين الهند والباكستان، ويحتمل حتى أن يفلح في انهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا. لجبهة غزة معنى خاص بالنسبة لتطلعه لان يتخذ صورة الوسيط الخبير إذ يدور الحديث عن شرط ضروري بالتقدم في منحى طموح في مركزه إعادة تصميم الشرق الأوسط كله على أساس من السيطرة الامريكية. هذه السيطرة يفترض أن تقوم على أساس صفقات تبادلية بين واشنطن ودول الخليج وعلى رأسها السعودية، فيما توفر الإدارة الامريكية لحلفائها الإقليميين سلاحا حديثا ومتطورا. هذا، في توقع لاستثمارات كبرى من جانبها الاقتصاد الأمريكي، كمقابل لتعزيز مكانتها العسكرية في المنطقة.

هكذا ينشأ، بعيون البيت الأبيض تحالف استراتيجي وسياسي واسع يمكنه – بدعم واسناد من القوة العظمى الأمريكية – التصدي بالتهديد الإيراني او لكل تهديد آخر (إقليمي او عالمي) يتحدى استقرار المنظومة الاخذة في البناء.

لكن وردة وشوكة فيها: الحلقة المركزية في المبنى الجديد كله، التي هي تطبيع إسرائيلي – سعودي لا تزال ناقصة. الشروط المبكرة لها، التي وضعها الشركاء المفضلون لواشنطن في السعودية – والتي هي انهاء القتال في غزة وإعلان اولي من إسرائيل في افق سياسي في المسألة الفلسطينية – لم تتحقق بعد. حكومة بنيامين نتنياهو اختارت، حاليا، توسيع المناورة البرية في غزة على بطاقة الدخول الى الشرق الأوسط الجديد كلاعب مركزي.

 

 فرق تسد

 

في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين كانت إسرائيل الجهة التي بادرت، بدعم من الرئيس آيزنهور الى “حلف بلدان المحيط” بمشاركة ايران، تركيا واثيوبيا لاجل صد الموجة الراديكالية من انتاج مصر الثورية. هذه المرة، كما يبدو، هي تختار البقاء خارج الصورة والاندحار الى هوامش المنظومة الإقليمية المتبلورة.

عشية رحلة الرئيس الـ 47 الى السعودية، اتحاد الامارات وقطر لم يعد ممكنا إخفاء الصدوع المتسعة بين الحليفتين القديمتين. عمليا، “العلاقة الخاصة” بين إسرائيل والولايات المتحدة التي لا يمكن التقليل من أهميتها تجد نفسها تحت حركة كماشة تاريخية. تهديد حقيقي على هذه العلاقات يأتي من جانب الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي في الوقت الذي يوجد فيه ميل انعزالي – “اغترابي من جانب الجناح الانعزالي في الحركة الجمهورية.

صحيح أن الإدارة الامريكية تتقدم في مسارات منفصلة، وفي أحيان قريبة مستقلة، مع كل لاعب شرق اوسطي مستعد لان يدخل في شراكة تجارية مع السيد الأمريكي، لكن درة التاج – التطبيع الإسرائيلي السعودي – لا تزال ناقصة. تنفيذ “قمة الابداع” الترامبي الذي احد مرسيه هو اتفاقات إبراهيم، بقي جزئيا فقط. كل هذا انشأ احباطا، غضبا وخيبة امل في البيت الأبيض تجاه نتنياهو.

في بداية الازمة جاءت مظاهرة الإحباط أساسا للإشارة الى نتنياهو بانه “يدوس” على الاقدام الامريكية في النقاط الهامة للإدارة، مثل الإعلان مع مفاوضات مع ايران دون التشاور مع إسرائيل، اتفاق وقف نار مع الحوثيين بينما تتواصل النار الى هنا، والقفز عن القدس في الرحلة السياسية الى المنطقة.

الان، مظاهر الاستياء أصبحت شبه علنية. يبدو ان ترامب وويتكوف على حد سواء يصعب عليهما ان يفهما المنطق الاستراتيجي الذي في استمرار المراوحة الإسرائيلية في المستنقع الغزي، ما يبدو في نظرهما كقتال عديم الغاية والجدوى.

 

هدف الرئيس

 

لما كان الحديث يدور عن رئيس حار المزاج وفظ الأسلوب، يسعى الى تقدم سريع وانجازات فورية، يمكن التقدير انه حيال تسويف نتنياهو، فان أزمة “إعادة التقويم” في 1975 قد تصعد من جديد من طي النيسان في صيغة كدية اكثر بكثير. الخطوة الدراماتيكية بلا دور إسرائيلي وفي مفاوضات مباشرة مع حماس، والتي أدت الى تحرير الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان الكسندر هي فقط جزء من الخطوات التي شأنها أن تلبد الغيوم اكثر فأكثر في السماء فوق العلاقات الخاصة.

لاحقا قد يأتي أيضا دمج حماس في الحكم في غزة في اليوم التالي، حتى وان كان ظاهرا في مستوى “سياسي” فقط وليس كمنظمة عسكرية، سعي بلا اتفاق نووي مع ايران بلا تشاور، وتأييد للمشروع النووي السعودي المدني بلا ضوء اخضر من إسرائيل. امامنا رئيس قاطع مصمم على ان يواصل التقاليد الفاخرة لتسوية النزاعات في مقدمة الساحة الدولية، بدايتها تعود الى الرئيس ثيودور روزفيلت الذي في العام 1905 كان عراب اتفاق السلام بين روسيا واليابان وتواصلت بمبادرات الوساطة لوزير الخارجية الأسطوري هنري كيسنجر.

إسرائيل لم تكن ابدا جمهورية موز تقول نعم، هكذا يظهر التاريخ. اما الان فيبدو أنه يوجد تطابق بين رؤية الأهداف الاستراتيجية لادارة ترامب وبين مواقف جماهير واسعة في إسرائيل. هذا الواقع سيصعب على نتنياهو ان يقود ضد البيت الأبيض الحالي المعركة السياسية التي ادارها ضد إدارة أوباما، إذ انه هو وحكومته، الذين وضعوا في راس سلم اولوياتهم بقاءهم السياسي يفتقرون لدعم إسرائيلي داخلي واسع بما يكفي كي يفعلوا هذا بنجاح وبمدى بعيد.

-------------------------------------------

 

هآرتس 13/5/2025

 

ترامب يريد الإعلان عن منحى لانهاء الحرب ولا يترك لنتنياهو حبل نجاة

 

 

بقلم: حاييم لفنسون

 

في لحظة نادرة اليوم، حتى في قناة الدعاية قالوا الحقيقة. “أنا لم انجح في فهم ما حدث هنا”، صرخ بصوت متباكي شمعون ريكلن في بداية برنامجه في القناة 14. “هذه ليست خطة ويتكوف، بل خطة ترامب. دولة اسرائيل لا صلة لها. ما الذي يحدث هنا؟”. صحيح أنه لم تعد هناك خطة ويتكوف، توجد خطة ترامب. بعد ثلاثة اشهر من المراوحة في المكان لمفاوضات غير مجدية ولا فائدة لها وصلنا الى ايام الحسم. امام نتنياهو بقي خياران. الاول هو الاتفاق مع الامريكيين وأن يسوق للجمهور بأن الامر يتعلق بفكرته التي باعها للامريكيين. الثاني هو الاتفاق مع الامريكيين وتسويق الفكرة للجمهور كفكرة لهم وكأنه لا خيار امامه عدا عن الموافقة عليها.

في الاشهر الثلاثة الاخيرة منذ انتهاء المرحلة الاولى في الاتفاق الذي اعلن عنه في قطر في 17 كانون الثاني، بدد الطرفان الوقت حول نفس السؤال: هل نجري نقاشات حول نهاية الحرب. الطرفان حاولا تجنيد الولايات المتحدة. في قطر قالوا ان اسرائيل خرقت الاتفاق الذي وقعت عليه وانها لم تقم باجراء بحسن نية مفاوضات حول انهاء الحرب، وفي اسرائيل قالوا ان حماس غير مستعدة لترك الحكم في غزة ونزع سلاحها وابعاد قادتها من غزة. عندها لا يوجد ما نتحدث عنه. الولايات المتحدة جلست على الجدار ولم تبت في هذا الخلاف. هذا الامر لن يستمر.

لقد كان لحماس ومستشاريها في قطر ورقة رابحة وهي عيدان الكسندر، المخطوف الامريكي الاخير الحي. هم في السابق لمحوا الى محاولة استخدامه في شهر اذار الماضي وتجاوز اسرائيل بواسطة لقاء مباشر لامع مع المبعوث الامريكي آدم بهلر، بعد ذلك نشرت تقارير كاذبة وكأن بهلر تم عزله من المفاوضات. “ديرمر 1 وبهلر صفر”، هكذا غرد بسخرية الشاهد الملكي شلومو فلبر. هذه كانت امنية. بهلر يوجد هنا وبقوة.

قبل زيارة ترامب في الشرق الاوسط قرروا في حماس استخدام الكسندر من اجل كسر الجمود وتجنيد الولايات المتحدة لمفاوضات مستمرة وسريعة لانهاء الحرب. لم تعد توجد خطة ويتكوف، نصف المخطوفين الآن والنصف الثاني فقط اذا تم التوصل الى تفاهمات، بل تحرير كامل للمخطوفين، على الفور وبسرعة، مع خطة بدعم امريكي لانهاء الحرب. حتى الآن تكتيك نتنياهو كان زيادة الطلبات كي ترفض حماس، بعد ذلك يمكن لرئيس الحكومة اتهام حماس بتفجير المفاوضات. تحرير الكسندر يشير الى ان قطر والولايات المتحدة متفقتان، ومن غير المؤكد ان اسلوب نتنياهو سيستمر في العمل. مصدر خليجي قال للصحيفة “الجميع يعرفون أن المفاوضات في الدوحة ستكون قصيرة، والامريكيون سيضغطون من اجل التوصل الى تفاهمات. لا احد يريد ان يكون في الطرف الذي تتهمه امريكا بخرق الاتفاق”.

صباح اليوم يتوقع ان تسافر بعثة اسرائيلية الى الدوحة. نتنياهو اشار الى انه اصدر تعليماته بشأن سفر البعثة. ولكنه كالعادة لم يكن دقيق. ويتكوف أمر ونتنياهو وافق. الجدول الزمني مكتظ جدا. مساء أمس انطلق ترامب نحو السعودية، وفي صباح يوم الاربعاء سيصل الى الدوحة وفي صباح يوم الخميس الى دولة الامارات ومن هناك الى اسطنبول. ترامب يأمل الاعلان في يوم الاربعاء في الدوحة مع امير قطر عن تحرير المخطوفين وانهاء الحرب، والا فانه يتوقع اطلاق تصريح علني من قبل ترامب يشمل المباديء التي يراها الامريكيون لانهاء الحرب، وتوجيه اصبع الاتهام للطرف الذي سيضع العقبات. ترامب، الذي سيلقي خطاب في الدوحة، سيكون ترامب الذي حصل قبل لحظة على صفقات بمئات مليارات الدولارات لشركات امريكية وطائرة فاخرة شخصية له من نوع 747. ليس ديرمر هو الذي سيهمس في اذنه، بل امير قطر. ويتوقع أن يكون لهذه الحقيقة وزن كبير لما سيقوله.

امس لم يكلف نتنياهو نفسه عناء الظهور امام الجمهور وشرح ما يحدث. من جهة وزير المالية سجل ايضا صمت، باستثناء اقوال ضعيفة “فقط الضغط العسكري”، هو الذي ادى الى تحرير الكسندر. سموتريتش ايضا يدرك بأنه تنتظرنا فترة مصيرية، وهو لم يعبر بعد عن موقفه علنا بشأن المتوقع. كم هو طول الحبل السياسي الذي سيعطيه لنتنياهو امام الضغط الامريكي؟ نحن سنعرف ذلك حتى يوم السبت.

-------------------------------------------

 

هآرتس 13/5/2025

 

الإدارة المدنية بدأت حفريات اثرية في قرية سبسطيا الفلسطينية في الضفة

 

 

بقلم: مخيم جنين

 

وزارة التراث اعلنت صباح أمس بأنها بدأت بالحفريات في الموقع الاثري سبسطيا الذي يوجد في الضفة الغربية بعد ان امتنعت اسرائيل عن القيام بذلك لعشرات السنين. الحديث يدور عن خطوة مختلف عليها، حيث انه حسب القانون الدولي يحظر على القوة المحتلة القيام بحفريات اثرية في المناطق المحتلة. الموقع الاثري يوجد قرب قرية سبسطيا الفلسطينية، الذي هو بالفعل جزء من القرية. سبسطيا وطريق الوصول الى الموقع تعتبر مناطق ب، في حين ان المنطقة الاثرية تعتبر مناطق ج.

الاعمال في الموقع يديرها ضابط ركن الاثار في الادارة المدنية، وهي تتم في اطار تنفيذ قرار للحكومة اتخذ قبل سنتين والذي بحسبه الحديقة الوطنية “شومرون” التي يوجد فيها الموقع سيتم ترميمها بتكلفة 32 مليون شيكل. وجاء في حينه ايضا بأن سلطة الطبيعة والحدائق ستبلور خطة اعادة تاهيل وسيقام في الموقع مركز سياحي وسيتم شق شارع مباشر للوصول اليه. الشارع المخطط له الذي لم يتم شقه بعد، يستهدف استبدال الطريق الحالية الى الموقع التي تمر داخل قرية سبسطيا.

رغم ان الموقع الاثري يعتبر حديقة وطنية توجد تحت سيطرة سلطة الطبيعة والحدائق فان زيارة الاسرائيليين هناك غير متواترة. على الاغلب الحديث يدور عن جولات منظمة في الاعياد، تتم بمرافقة عسكرية، ضمن امور اخرى، لأن طريق الوصول الى الموقع يمر في مناطق ب. في السنوات الاخيرة مجلس شومرون يدفع قدما باعادة تاهيل الموقع والاستثمار الحكومي فيه.

المرة الاخيرة التي اجريت فيها حفريات في الموقع الاثري بشكل واسع كانت في الاعوام 1931 – 1935. ومنذ ذلك الحين جرت فيه فقط حفريات مقلصة من بينها حفريات القسم الاردني للاثار في 1967 واعمال ترميم نفذتها الادارة المدنية قبل عشر سنوات تقريبا. في هذه المرحلة ما زال من غير الواضح هل الحفريات التي بدأت الآن وتنفذ في هوامش الموقع ستقتصر على اعادة الترميم فقط كما حدث في السابق، أو هي ستتطور وتصبح حفريات اثرية اكاديمية. مع ذلك، حسب اقوال مجلس شومرون فان الحفريات يتوقع أن تتوسع في المرحلة القادمة وتصل الى منطقة رئيسية في الموقع، التي يوجد فيها حسب التقديرات قصر ملوك اسرائيل.

الموقع يعاني من الاهمال لفترة طويلة وهو يشمل طبقات قديمة مرتبطة بمدينة العاصمة بيت عمري، سلالة ملوك مملكة اسرائيل، المملكة الشمالية التي حسب المكريه انفصلت عن المملكة الموحدة لدافيد وشلومو. في هذه الطبقات تم العثور على عدد من القطع الاثرية المثيرة للانطباع من تلك الفترة، من بينها بقايا القصر، مغارة قبر محفور في الصخر، قطع فخارية عليها كلمات بالعبرية.

رئيس مجلس قرية سبسطيا محمد عزام قال للصحيفة بأنهم لم يبلغوه عن تنفيذ الحفريات ولم يوضحوا طبيعتها. وحسب قوله فان هذه المنشأة اصبحت منطقة عسكرية مغلقة ولا يسمح للسكان بالاقتراب منها. وقال ايضا بأنه في السنة الاخيرة سجل ارتفاع حاد في عدد المرات التي دخل فيها الجيش الى القرية – عمليات دخول جرت حسب قوله، كل يوم. “هذه منطقة سياحية مفتوحة والجميع يمكنهم القدوم الى هنا، بما في ذلك السياح الاسرائيليين، الذين ليس لنا أي مشكلة في أن يأتوا، لكن الهدف هنا هو هدف استيطاني وليس سياحي”، قال.

في منظمة “عيمق شفيه” انتقدوا بشدة هذه الخطوة وقالوا إن “مهمة قوة الاحتلال هو الحفاظ على الاثار والتراث بشكل مؤقت لصالح السكان المحتلين. السيطرة على سبسطيا هي العكس المطلق، وضع المواقع الاثرية في خدمة الضم والطرد، الامر الذي يحولها الى ساحة حرب”.

وزير التراث عميحاي الياهو قال “سبسطيا هي موقع مهم جدا في تراثنا التاريخي والوطني. اقامة حديقة شومرون الوطنية في الموقع هي خطوة مهمة للحفاظ على التراث اليهودي والثقافي في ارض اسرائيل”. رئيس مجلس شومرون، يوسي دغان، بارك الحفريات وقال “هذا يوم تاريخي، لا يوجد شعب توجد له علاقة بوطنه اكثر من شعب اسرائيل بارض اسرائيل. عندما يحفرون في السامرة القديمة فانهم يلمسون التوراة بايديهم. وأن تعيش في السامرة هذا ليس فقط حق، بل هو ايضا واجب من اجل الحفاظ على المواقع التوراتية الاكثر قدسية”.

-------------------------------------------

 

معاريف 13/5/2025

 

 

صفقات بالتريليونات ونظام إقليمي جديد، في الشرق الأوسط من دون اسرائيل

 

 

بقلم: بن كسبيت

 

لا توجد عقوبة اكثر جدارة من نتنياهو من دونالد ترامب. ترامب هو نوع من نتنياهو، لكنه اكبر بكثير فقط، نتنياهو شعبوي؟ ترامب شعبوي مع محفزات. نتنياهو متلاعب؟ ترامب اكثر بكثير. نتنياهو نرجسي؟ مقارنة بترامب هو بني بيغن. نتنياهو محتال؟ ترامب اكبر المحتالين. ضمير نتنياهو نقي؟ ترامب ليس له ضمير على الاطلاق. من ناحية نتنياهو، بعده الطوفان؟ ترامب هو الطوفان. باختصار، كما تقول القصيدة إياها، كل ما يعرف نتنياهو، ترامب يعمله بشكل افضل.

يمكن لهذه ان تكون مزحة رائعة من التاريخ، يرافقها حس دعابة سليم، لكن النكتة على حسابنا. وذلك لانه اذا كان نتنياهو يقف على راس آلة السم، فان ترامب يقف على رأس القوة العظمى الهائلة في المعمورة. من خلف ترامب تقف كل رافعات القوة العظمى في مجالات الامن، الاقتصاد، السياسية والنفوذ. من خلف نتنياهو يقف يانون مجيد ويعقوب بردوغو. هذه ليس قوى.

لو لم يكن يدور الحديث هنا عن مصيرنا، لكان هذا عرضا رائعا من العدالة الشعرية. عندما يصطدم نتنياهو باناس من نوع الكلينتونيين – براك أوباما او جو بايدن – فانه يزدهر. هذا مجال راحته. فهو يلفهم بعجين طري، يسحبهم من الانف، يعد ولا يفي، ينهك، يكذب، يندم ويتردد ويتلوى ويتباكى، وفي نهاية الامر تكون النتيجة مشابهة: الزمن يمر وشيء لا يحصل – باستثناء القرف وخيبة الامل.

عندما يصدم بدونالد ترامب يكون هذا معاكسا. فليس لترامب انصات او صبر لترهات نتنياهو. وهو يضيع الوقت؟ بالتالي نواصل بدونه. هو يعد ولا يفي؟ نعاقيه. هو يجر الارجل؟ نفاجئه. وهكذا حصل ان قرأ نتنياهو في الصحيفة عن المفاوضات المباشرة بين الأمريكيين وحماس، وبعد ذلك احتفل بنصر مؤقت مع الابعاد المؤقت لادم بولر. غير أن هذا كان نصرا اشبه بالهزيمة. بولر عاد، المفاوضات مع حماس عادت ونتنياهو قرأ في الصحيفة عن تحرير عيدان الكسندر – وتلقى ضربة مدوية حين تعرف العالم كله على الالتزام الأمريكي لتحرير مخطوفين أمريكيين مقابل انغلاق الحس الإسرائيلي لتحرير مخطوفين إسرائيليين.

وهذا فقط وصف جزئي. إذ ان نتنياهو قرأ في الصحيفة أيضا عن الاتفاق بين الأمريكيين والحوثيين، والذي في اطاره القي بنا الى الكلاب، أما عن المفاوضات المباشرة بين الأمريكيين والإيرانيين فهو حتى لم يتمكن من أن يقرأ عنها في الصحيفة لانه شكل زينة حية وشاحبة لاعلان ترامب عن المفاوضات في الموقف البائس إياه في البيت الأبيض.

والان تخيلوا ان يقرر ولي العهد المنفي في ميامي تفعيل آلة السم البيبية ضد ترامب. فكم من الوقت سيستغرق ترامب نفيه الى كوبا؟ إذ لدى الرئيس الحالي لا توجد توازنات ولا توجد كوابح، لا توجد قواعد ولا توجد آداب مائدة. هو يفعل ما يروق له. وصحيح حتى الان نتنياهو لا يروق له في نظره.

وبالفعل، الرد الصهيوني المناسب لم يتأخر في المجيء. امس، قبل 11 صباحا بقليل، قال يانون مغيل في الإذاعة ان “ترامب مهرج”. ولما كنت مشاركا في هذا البث التاريخي سارعت لاسأل نفسي الى اين نواصل من هنا؟ هل غدا ستشرق الشمس؟ الى اين اختفى “دونالد بن بغل”؟ الى اين اختفت أصوات الفرح التي انطلقت في ارجاء القناة 14 وفي باقي اجنحة آلة السم في ليلة الانتصار الأخير لترامب؟

الى أين تبخر “الرب تبارك اسمه يحبني دوما” التي عزفت في حينه على مدار الساعة؟ والاهم: هل هذه بداية منطلق سلس؟ هل يحتمل ان يكون بعد أن عرفوا نائب المسيح كـ “مهرج”، سيكون من شأنهم لاحقا ان يتوصلوا الى الاستنتاج بان المسيح نفسه، ابن عم من لحم ودم أي نتنياهو، هو ضحل المهرج؟

لا توقفوا انفاسكم. هذا على ما يبدو لن يحصل. وكما تقول النكتة إياها (“الاعتداء هو اعتداء”)، والطائفة هي طائفة. هم لا يذهبون الى أي مكان. هم سيبقون امام ضحل المهرج حتى النهاية المريرة. ليس لهم خيار آخر.

في الأيام القريبة القادمة ستعقد في الشرق الأوسط حفلة كبرى. ومن لا يدعى اليها؟ إسرائيل. السعودية، قطر، اتحاد الامارات، ويوجد حديث عن اردوغان، عن أبو مازن، عن الشرع السوري. صفقات بالتريليونات على الطاولة. نظام إقليمي جديد. كان يمكننا أن نكون هناك، على رأس الطاولة. لكن نتنياهو يفضل بن غفير وسموتريتش. نتنياهو رهينة الضحلين غريبي الاطوار الأكثر عزلة، ونحن عالقون معه.

 في عهد رؤساء آخرين كان يمكن لهذا ان يمر بسلام نسبي. لدى أوباما، بايدن وكلينتون كان التزام أساسي لإسرائيل. كانت خطوط حمراء لا يتم تجاوزها. حتى لو كان نتنياهو ينهك، يجنن، يكذب ويكره عليهم حياتهم، عاقبوه رمزيا، ضمن الاطار.

اما لدى ترامب فالقواعد مختلفة. أي، لا توجد قواعد. يمكنه أن ينقلب، يمكنه أن “يكتشف” نتنياهو من جديد، يمكنه أن يغير الاتجاه، ا ن يجري التفافة حدوة حصان ويبدأ كل شيء من جديد. ينبغي الامل في ان يحصل هذا لان الاتجاه الحالي يؤدي الى كارثة. لشدة الأسف، الفشل كله لنتنياهو لكن الكارثة – لنا.

-------------------------------------------

 

يديعوت 13/5/2025

 

قبول نتنياهو منحى ويتكوف قد يؤدي الى تغيير عميق في الشرق الأوسط

 

 

بقلم: افي يسخاروف

 

صحيح أن هذه ليست كارثة سياسية أو أزمة غير مسبوقة بين إسرائيل والولايات المتحدة. ومع ذلك، فان حقيقة ان ممثلي الإدارة الامريكية توصلوا الى اتفاقات على تحرير عيدان الكسندر في مفاوضات مباشرة مع حماس تشهد على الفجوة الآخذة في الاتساع بين الطرفين. القرار الأمريكي عدم انتظار الطرف الإسرائيلي، وفي واقع الامر الوصول من فوق راس بنيامين نتنياهو الى صفقة ضيقة مهما كانت، يشكل دليلا على فشل استثنائي للمستوى السياسي في إسرائيل. هذه المرة لا يوجد حتى مستوى أمنى يمكن اسقاط المسؤولية عليه. بيبي طبخ، وكلنا نأكل الطبخ.

المبعوث الخاص للرئيس ترامب، آدم بولر، القى كلمة على الطائرة في طريقه الى إسرائيل الى جانب ام عيدان الكسندر، ياعيل، جسد اكثر فأكثر عظمة العبث: فبينما هو يتحدث عن الواجب الأمريكي لتحرير كل المخطوفين فان نتنياهو ورجاله يتخذون في نظر معظم الجمهور الاسرائيلي صورة من يحاولون افشال هذه الصفقة بكل ثمن. وبالفعل، حاول بيبي وسيحاول على ما يبدو تأخير او تذويب كل صفقة تؤدي الى تحرير كل المخطوفين مقابل وقف نار في غزة، وبالمقابل الرئيس ترامب مصمم جدا على السعي الى صفقة أكبر بكثير تتضمن وقف نار في غزة وتحرير مخطوفين.

ظاهرا هذا تضارب مصالح يشهد على التوتر بين الطرفين. ولا يزال، اذا سار نتنياهو مع المنحى الذي اقترحه ويتكوف ووافق على وقف نار طويل وتحرير كل المخطوفين، فانه سيكون احتمال معقول لان تؤدي هذه الخطوة الى تغيير عميق في الشرق الأوسط بل وربما الى تغيير الميل في الرأي العام بالنسبة لنتنياهو. اغلبية الجمهور الإسرائيلي سيؤيد خطوة تؤدي الى تحرير المخطوفين حتى بثمن وقف مؤقت للقتال ضد حماس. اغلبية الجمهور أيضا سترحب بصفقة سياسية اكبر تتضمن تطبيعا مع السعودية. لكن لهذا الغرض يتعين على نتنياهو أن يتجاهل تهديدات بن غفير وسموتريتش بالنسبة لتفكيك الحكومة ومشكوك أن تكون لنتنياهو الرغبة في عمل ذلك. فهو يفضل سلامة ائتلافه في هذه المرحلة على كل إمكانية انجاز سياسي هام لدولة إسرائيل.

يمكن فقط التخمين بما يمكن أن يحصل اذا ما وافق بيبي على وقف النار في غزة وتحرير كل المخطوفين. خطوة كهذه ستؤدي الى ضغط شديد على حماس بالتنازل على سيطرة مدنية في غزة وربما ولاحقا ربما أيضا نزع سلاحها. التهديد عملية إسرائيلية عسكرية باسناد امريكي بعد تحرير المخطوفين في حالة الا توافق حماس على نزع سلاحها قد يكون ذا مغزى اكثر بكثير من ذاك الذين يتم فيما انه لا يزال يحتجز في غزة 58 مخطوفا، احياء واموات. اتفاق تطبيع مع السعودية يؤدي ليس فقط الى اتفاقات سلام إقليمية بل وأيضا الى إقامة بديل سلطوي لحماس في غزة سيضعفان جدا المنظمة الغزية ويمكنهما أن يحدثا تغييرا في القطاع. صحيح، هذا على ما يبدو سيكون السلطة الفلسطينية التي تعمل هناك الى جانب تواجد قوى عربية أخرى، ولا يزال هذا افضل من الخيار الذي على مدى سنوات طويلة جدا عزز نتنياهو فيها حماس.

عملية عسكرية واسعة الان قد تخدم نتنياهو سياسيا في المدى الزمني القصير، في البقاء في الحكم، ولكنها بالتأكيد لن تساعد دولة إسرائيل أو بيبي في انتخابات أكتوبر 2026. مزيد من الجنود والمخطوفين القتلى. نقد دولي قاسم، قتل الاف الفلسطينيين الذي بعضهم أبرياء وفي نهاية الامر عودة الى نقطة البداية: الجيش الإسرائيلي لاعتبارات القوى البشرية والتآكل، سينسحب من أراض في القطاع وحماس ستعود اليها. رئيس الأركان والجيش يفهمان هذا، يحتمل حتى نتنياهو يفهم هذا. طالما لا يقوم في غزة بديل سلطوي لحماس، ستبقى المنظمة وتعمل هناك.

-------------------------------------------

عن موقع "معهد القدس للاستراتيجيا والأمن" 13/5/2025

حرب غزة وساعة الرمل الإسرائيلية: الحسم فوراً.. أو التآكل

بقلم: غابي سيبوني وإيرز وينر

على الرغم من الإنجازات المهمة التي حققتها الحرب على غزة والثمن الباهظ الذي دفعته "حماس" وغزة عموماً، فإنها لم تؤدِّ بعد إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية الرئيسة: تدمير القدرات العسكرية والحُكمية للحركة، وتحرير الأسرى. فحركة "حماس"، المدعومة من إيران، تواصل الحفاظ على بنى تحتية تحت الأرض، وقدرات محدودة على إطلاق الصواريخ، وهيكل قيادة فعّال، حتى بعد أكثر من عام ونصف العام من القتال العنيف.

في الوقت نفسه، تواصل إسرائيل مواجهة تحديات أمنية كبيرة من إيران، ومن الضفة الغربية، ومن اليمن، ومن سورية، ومن لبنان.

هذه التحديات تستدعي تخصيص قوات عسكرية كبيرة باستمرار، وبشكل مضاعف في سيناريوهات التصعيد.
تقف في صلب النقاش بشأن طبيعة استمرار القتال معضلة "ساعة الرمل" التي تجسّد الزمن الذي يوشك على النفاد من أجل اتخاذ القرارات. في الواقع، لا يدور الحديث حول ساعة رمل واحدة، بل ساعات، تمثل كلّ واحدة منها نوعاً مختلفاً من الضغط: عسكري، واجتماعي، وسياسي، وإقليمي. إن الامتناع عن الحسم الواضح لا يطيل أمد الحملة فحسب، بل يؤدي أيضاً إلى استنزاف الموارد الوطنية، ويعرّض قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها الاستراتيجية للخطر.

في رأينا، إن فحص ساعات الرمل المختلفة يُظهر الحاجة إلى حملة عسكرية شديدة وفورية.

ساعة الرمل العسكرية: تحويل الموارد إلى جبهات أُخرى

على الرغم من أهمية الجبهة الغزّية، فهي ليست الوحيدة التي تتطلب اهتمام الجيش الإسرائيلي، فالضفة الغربية تشهد حالة من الغليان المستمر، مع تصاعُد وتيرة العمليات والهجمات "الإرهابية" المنظّمة.

وفي سورية، انهيار النظام وتعاظُم قوة جهات معادية يتطلبان رقابة عسكرية لصيقة وإعادة تنظيم.
أمّا في لبنان، فإن "حزب الله"، على الرغم من الضربات التي تلقّاها، فإنه لا يزال يشكل تهديداً كبيراً يتطلب معالجة دقيقة.

فضلاً عن إيران، التي حتى لو لم تستدعِ الحرب معها نشر قوات برية، فمن المؤكد أنها تحظى بالاهتمام الوطني واهتمام هيئة الأركان العامة في إسرائيل.

إن استمرار القتال العنيف في غزة يستهلك موارد وقوات وذخيرة وميزانيات، وانتباه القيادة العسكرية العليا، يجب توجيه هذه الموارد أيضاً إلى جبهات أُخرى

صحيح أنه حتى بعد تحقيق الحسم، سيكون هناك حاجة إلى استثمار قوى كبيرة في الحفاظ على الأمن في القطاع، لكنها ستكون أقل كثيراً من تلك اللازمة لتحقيق الحسم ذاته.

الحاجة إلى إنهاء الحملة في غزة لا تنبع فقط من الرغبة في تحقيق نصر على "حماس"، بل أيضاً من ضرورة التفرغ لتنفيذ إصلاحات حيوية.

من المؤكد أن شنّ حملة عسكرية حاسمة تُلحق ضرراً بالغاً بالبنى التحتية العسكرية لحركة "حماس"، وبحُكمها، ستُتيح للجيش الإسرائيلي الانتقال من وضعية "إطفاء الحرائق" إلى تنظيم منسّق طويل الأمد. لكن عدم شنّ حملة كهذه سيُطيل الوضع الحالي، الذي يُجبر الجيش على العمل على جبهات متعددة، ما يؤدي إلى تآكل متواصل في قدراته.

على سبيل المثال، يمكن الطلب من الألوية النظامية والقوات الخاصة المنتشرة في غزة، حالياً، العمل في الضفة الغربية لمنع التصعيد، أو في لبنان، في حال نشوب مواجهة جديدة. لكن استمرار القتال في غزة يشكّل عبئاً على منظومة اللوجستيات والذخيرة في الجيش الإسرائيلي، وخصوصاً في ظل ازدياد الاعتماد على استيراد ذخيرة دقيقة من الولايات المتحدة.

ساعة الرمل الداخلية: الاحتجاج وقضية الأسرى

المجتمع الإسرائيلي في نقطة انكسار. لقد أصبحت قضية الأسرى رمزاً للالتزام الوطني، لكنها في الوقت نفسه باتت مصدراً لخلاف عميق، فهناك مَن يدعو إلى التوصل إلى اتفاق مع "حماس" يتيح الإفراج عن الأسرى، في مقابل تنازلات سياسية، أو عسكرية، في حين يرى آخرون أن الضغط العسكري المكثّف وحده هو الذي سيجبر الحركة على إطلاق سراحهم.

أوضحنا في مقال سابق، حلّلنا فيه قضية الأسرى، أن عملية عسكرية قوية هي السبيل الوحيد لضمان إطلاق سراحهم، إذ إن التخلي عن القتال قد يتركهم في أيدي "حماس" أعواماً طويلة.

هذا الخلاف ليس تكتيكياً فحسب، بل هو أيضاً خلاف قيَمي، فالمجتمع الإسرائيلي، الذي يرى في تحرير الأسرى قيمة عُليا، يجد صعوبة في تقبّل احتمال عدم عودة بعضهم، لكن في المقابل، فإن التنازل عن الأهداف الاستراتيجية للحرب، وفي مقدّمتها تدمير "حماس"، قد يقوّض الأمن القومي، ويحوّل الاختطاف إلى أداة دائمة في يد التنظيمات "الإرهابية". إن ساعة الرمل الداخلية تفرض حسماً سريعاً، لأن الشرخ الاجتماعي يزداد عمقاً، والثقة بالقيادة السياسية والعسكرية تتآكل، بمرور الوقت.

يرزح الأسرى الأحياء المحتجزون في غزة تحت وطأة ظروف إنسانية صعبة، تشمل نقصاً في الغذاء والرعاية الطبية وأبسط مقومات الحياة.

كلّ يوم يمرّ يزيد في تدهور حالتهم الجسدية والنفسية، ويضاعف خطر الموت المحدق بهم.
من وجهة نظرنا، إن ضغطاً عسكرياً مركّزاً وفورياً هو أمر ضروري لإجبار "حماس" على الإفراج عنهم، إذ أثبت هذا التنظيم أنه يستجيب بشكل أساسي للقوة.

وأيّ تردّد أو تأجيل قد يؤدي إلى فقدان فرص حاسمة، مثلما شهدنا في حالات سابقة. يشكل شنّ عملية عسكرية مبكرة، إلى جانب الجهود الدبلوماسية، الوسيلة الأكثر نجاعة لضمان تحرير سريع للأسرى ومنع معاناة إضافية.

ساعة رمل "الاحتياط": التآكل في مقابل الجاهزية

تُشكّل منظومة الاحتياط العمود الفقري للجيش الإسرائيلي، لكنها هي أيضاً تخضع لضغوط شديدة. فاستدعاء جنود الاحتياط، مراراً وتكراراً، لأداء مهمات روتينية، أو عمليات تفتقر إلى هدف واضح، يؤدي إلى تآكل ملحوظ.

إن جنود الاحتياط مستعدون للتجنيد من أجل مهمة ذات مغزى وهدف واضح، تؤدي إلى الحسم في مواجهة "حماس"، لكن عندما تتّسم المعركة بالتوقف والتردد وانعدام الحسم، فإن دافعهم وقدرتهم يتعرضان للضرر.
تذكّرنا ساعة الرمل الخاصة بالاحتياط بأن الوقت المتاح لتحفيز هذه المنظومة على أداء مهمة حاسمة يوشك على النفاد، ودون تحرّك سريع، قد تجد إسرائيل نفسها أمام قوة احتياط مرهقة يصعب عليها تنفيذ المهمات المستقبلية، فضلاً عن أن الامتناع عن تنفيذ عملية عسكرية قوية لا يؤدي فقط إلى تآكل منظومة الاحتياط، بل أيضاً يُنهك القوات النظامية، إذ يجد جنود الخدمة النظامية أنفسهم عالقين في دوامة من العمليات التكتيكية التي تفتقر إلى أفق استراتيجي.

ساعة الرمل الإقليمية: تأثير الدينامية الدولية

تُضيف الساحة الإقليمية طبقة إضافية من التعقيد. فتسلُّم دونالد ترامب منصب رئيس الولايات المتحدة جلب معه فرصاً وتحديات، وعلى الرغم من أن ترامب معروف بدعمه لإسرائيل، فإن هذا الدعم ليس مضموناً إلى الأبد.

من المتوقع أن يعمل ترامب على تعزيز تحالفات إقليمية جديدة، بما في ذلك توسيع اتفاقيات أبراهام، غير أن نشوب قتال عنيف في غزة قد يُعرقل هذه المخططات، وقد تردّ الدول العربية بضغوط دبلوماسية، أو تحفظات على الاتفاقات مع إسرائيل.

في غياب تحرّك حاسم من جانب إسرائيل، قد يتآكل رصيد الدعم الذي منحها إياه رئيس الولايات المتحدة، ونُشر فعلاً أن الرئيس ترامب قال إنه يجب البدء بإدخال مساعدات إنسانية إلى سكان غزة، ما يشير إلى أن الضغط الدولي يؤثّر حتى في الرئيس.

وبالنظر إلى زيارته المرتقبة إلى شبه الجزيرة العربية واستمرار المفاوضات مع إيران بشأن اتفاق نووي جديد، من الصائب تسريع الحسم في غزة، لتمكين إجراء نقاشات بشأن مستقبل القطاع، استناداً إلى واقع جديد على الأرض، ولإضعاف موقف إيران أكثر في المفاوضات.

الدينامية السياسية الإقليمية تفرض تحركاً سريعاً، لكن بحذر، فقد تعزز العملية العسكرية القوية مكانة الحكومة، وتُحسّن المعنويات الوطنية، لكنها تتطلب تنسيقاً دقيقاً مع الولايات المتحدة والدول العربية المعنية. بالإضافة إلى ذلك، يجب الاستثمار في جهود دبلوماسية لتقليل الضغط الدولي، مثل التعاون مع منظمات الإغاثة الإنسانية للتقليل من الأذى الواقع على السكان المدنيين.

ساعة الرمل السياسية

تشهد السياسة الإسرائيلية صراعاً بين رؤيتين مختلفتَين للعالم: الأولى، تقول إنه لا يمكن الانتصار في حرب ضد "الإرهاب" وحرب العصابات، وفي هذه الحالة، ضد "حماس" في غزة، ولذلك يجب التوجّه نحو حلّ يقوم على الانفصال وممارسة القتال من بعيد، بهدف إحباط الهجمات، أمّا الرؤية الثانية، فتقول إنه من الممكن الانتصار في الحرب ضد "الإرهاب" والعصابات، وفي حالتنا هذه يمكن حسم المعركة ضد "حماس" في غزة من خلال عملية حازمة تُنتج واقعاً أمنياً جديداً. موقفنا هو أنه يجب تفضيل الرؤية الثانية.

لقد رأينا مثالاً لذلك في القتال ضد "الإرهاب" في الضفة الغربية، قبل نحو عقدين، حيث أُتيحت لكاتبَي هذا المقال فرصة المشاركة الفعلية فيه.

هناك شاهدنا كيف أن القتال الحازم ضد "الإرهاب"، والذي بدأ بعملية "السور الواقي" في سنة 2002، واستمر 3 أعوام تقريباً، أدى إلى الحسم وانخفاض ملموس في عدد العمليات والضحايا، وبما أن الحسم هو مفهوم تكتيكي مرتبط بالزمن والسياق، فإنه يتطلب في غزة، كما في الضفة الغربية، الحفاظ على الإنجاز على مدى الزمن.

في حالة قطاع غزة، فإن المرحلة النهائية من خطة الهجرة التي يقترحها الرئيس ترامب يمكن أن تشكّل عامل حسم، من شأنه أن يضمن الحفاظ على هذا الإنجاز فترة طويلة.

إن الامتناع عن حسم عسكري واضح وسريع سيُبقي إسرائيل تحت وطأة هذا التهديد.

كما تُظهر ساعة الرمل السياسية أن الوقت المناسب للتحرك هو الآن، لأننا لا نرغب في أن نجد أنفسنا غارقين في قتال عنيف، بينما الدولة تخوض حملة انتخابية.

وتشير ساعات الرمل المختلفة، العسكرية، والمتعلقة بقضية الأسرى، والداخلية، والمتعلقة بقوات الاحتياط، والإقليمية والسياسية، إلى استنتاج واحد: الوقت المتاح للحسم في قطاع غزة يوشك على النفاد، وحملة عسكرية شديدة، تركز على تدمير القدرات العسكرية لحركة "حماس" وحُكمها، هي السبيل الوحيد لتحقيق أهداف الحرب كافة: تحرير الأسرى، وضمان أمن مواطني إسرائيل، ومنع عمليات الاختطاف المستقبلية.

إن الامتناع عن القيام بهذه الخطوة لن يؤدي فقط إلى إطالة معاناة الأسرى وغموض الموقف العام، بل سيؤدي أيضاً إلى استنزاف الموارد الوطنية وإضعاف مكانة إسرائيل في الساحتين الإقليمية والدولية.

توصيتنا المركزية هي الشروع في عملية عسكرية حازمة في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن، مع تحديد أهداف واضحة وقابلة للقياس لتدمير قدرات "حماس" العسكرية والحكمية، ولتحرير الأسرى.

يجب أن تدمج هذه العملية ما بين الضغط العسكري والمفاوضات غير المباشرة، من أجل تعظيم فرص الإفراج عن الأسرى وتقليل المخاطر.

وفي الوقت نفسه، ينبغي استثمار الجهود لتعزيز الصمود الوطني من خلال حملة توعية وحوار جماهيري، وضمان جاهزية منظومة الاحتياط، عبر تقديم حوافز وتكليفات محددة. وأخيراً، لا بد من تنسيق العملية مع الولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة، بهدف تقليل الضغط الدولي والحفاظ على مكاسب التحالفات الإقليمية.
هذا التنسيق ضروري في أيّ حال، ويكتسب أهمية كبرى قبيل زيارة ترامب المرتقبة لشبه الجزيرة العربية.
على إسرائيل التحرك الآن، بحزم وجرأة، لضمان مستقبلها. ومن أجل تأمين أمنها وصمودها الوطني، يجب على الحكومة أن تتحرك بحسم، مع تحقيق توازُن بين الحاجة إلى الحسم العسكري وبين ضبط النفس الاستراتيجي المطلوب في السياقات الداخلية والدولية.

وحدها هذه الخطوة المتكاملة ستُمكّن إسرائيل من الخروج من المعركة في غزة وهي صاحبة اليد العليا، مع الحفاظ على مكانتها كقوة قيادية في المنطقة، فالتاريخ يعلّمنا أن لحظات الأزمة هي أيضاً لحظات فرصة، وهذه الفرصة لن تتكرر.

-------------------------------------------

 

معاريف 13/5/2025

 

في زيارة ترامب للمنطقة.. الخسارة كلها لنا

 

 

بقلم: آنا برسكي

 

يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد في الرياض غدا بولي العهد السعودي محمد بن سلمان. بين اللقاءات المخطط لها يبرز على نحو خاص لقاء واحد موسع يشارك فيه رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن الرئيس اللبناني جوزيف عون والرئيس السوري احمد الشرع في الرياض.

بالنسبة لإسرائيل هذه أنباء سيئة. بداية أبو مازن يصل الى الرياض بدعوة من ابن سلمان. هذه خطوة تستهدف بشكل واضح الايضاح لترامب لا نتجاوز السلطة كما تحاول إسرائيل فعله. لا نبني طريقا التفافيا على رام الله. أبو مازن هو جزء من الجماعة واحد منا وعليه ينبغي الاعتراف بالواقع كما نحن نراه - وليس كما يرويه لكم الإسرائيليون.

وترامب؟ لا مشكلة له مع هذا، وهذه هي المشكلة الكبرى لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. فليس فقط يزور الرئيس المنطقة ولا يزور إسرائيل بل انه يلتقي مع أبو مازن وليس مع نتنياهو.

يدور الحديث عن رسالة من ابن سلمان للعالم العربي. هذه نتيجة الدينامية السياسية - الأمنية في المنطقة، وهذه الدينامية سيئة لنا وذلك لان مستوى مطالب السعوديين ارتفع بداية- بسبب الحرب المتواصلة في قطاع غزة، لكن مؤخرا ارتفع المستوى درجة واحدة أخرى - وذلك في اعقاب القرارات الأخيرة لترامب الأول - انهاء الحرب ضد الحوثيين رغم أنهم يواصلون اطلاق الصواريخ الباليستية نحو إسرائيل.

والثاني، التقدم في الاتفاقات الكبرى بين واشنطن والرياض، دون أي اشتراك بالتطبيع بين الرياض والقدس بالنسبة لدول المنطقة الرسالة هي جد واضحة : الولايات المتحدة تبقي إسرائيل في الخلف لتتدبر امرها مع مشاكلها ومع اعدائها. من ناحية السعودية، اليوم بخلاف الوضع قبل 7 أكتوبر ٢.٢٣ المقابل للتطبيع مع إسرائيل يجب أن يكون حقيقيا. لا تكفي شعارات غير واضحة، واساسا غير ملزمة. اليوم، حتى شعارات نتنياهو لا يمكنها أن ترضي السعوديين.

لقد اضطر ابن سلمان للتصدي لادعاءات وكأنه يميل بالاتجاه الإسرائيلي بالضبط في الوقت الذي يحصل في غزة ما يعتبره العالم العربي إبادة جماعية. وعليه فان ولي العهد ملزم بان يثبت - للجيران ولشعبه بانه لم ينس القضية العربية وان ليست فقط الصفقات التجارية التي يعقدها مع الأمريكيين هامة له.

بالتوازي، لابو مازن يوجد دور إضافي: هو ورقة تين بفضلها "سيسوغ" ابن سلمان في نظر العالم العربي الاتفاق المتبلور مع الولايات المتحدة. عمليا، هذا هو الدور الهام لابو مازن من ناحية ابن سلمان - حتى أكثر من الرسالة لإسرائيل.

وذلك لان إسرائيل لم تعد جزءا من المعادلة ولم تعد في الصورة فبعد كل شيء لماذا ينبغي مراعاتها، حتى لو كان الرئيس الامريكي لا يبدي اهتماما بصديقته الصغيرة في الشرق الأوسط يشخصون الضعف بسرعة. وها هي مصر، لم تعد تسارع لاعتماد سفير إسرائيل الجديد ولا تعين أيضا سفيرا لها في تل أبيب. ترامب على ما يبدو لم ينتبه للضرر الذي لحق بالصورة وبالامن الذي الحقه نهجه البراغماتي بإسرائيل. فاذا كان لا يشترط الاتفاق الكبير مع السعودية بالتطبيع مع إسرائيل فلماذا يأخذ إسرائيل بالحسبان على الاطلاق؟ هذا الأسبوع سيحصل السعوديون منه على كل شيء - اتفاق تجاري واتفاق نووي – دون أي حديث غير مريح عن إسرائيل.

قيمة السهم الإسرائيلي اليوم يسجل أحد ارقامه القياسية السلبية، وليس اقل خطورة من ذلك - ليس لنتنياهو مع يعرضه على ترامب.

الرئيس الأمريكي لم ينقلب علينا ولم يغير موقفه. هو بقي بالضبط ما كان عليه. وكما اسلفنا بالنسبة لمواقفه. ان يكونوا في إسرائيل متفاجئين بذلك - المشكلة هي كلها لنا وليست له.

في اللحظة التي لا يكون فيها لدى إسرائيل بضاعة تعرضها، إنجازا تحققه، فان ترامب يفقد الاهتمام ويتقدم الى الامام. من ناحية ترامب لا يكفي أن تكون الشريك السلبي للولايات المتحدة. واشنطن تحتاج أيضا لان تكسب من الشريك.

في ولايته الأولى، بالمناسبة، كان نهجه مختلفا كثيرا. باستثناء ان في حينه، بخلاف اليوم، بالتأثير الكبير لجارد كوشنير نجحت إسرائيل والولايات المتحدة فى أن تخلق وتنفذ اتفاقات إبراهيم. في حينه المنفعة والربح اقنعا ترامب . اما اليوم بالمقابل فليس لدى اسرائيل أي شيء يمكنه ان يثير اهتمام صديقها الأكبر. وعليه، حاليا على الأقل - دورها هو ان تنظر من الجانب وان تحصي الخسائر.

-------------------------------------------

عن زمان إسرائيل 13/5/2025

 

إسرائيل تنتحر ..

 

 

بقلم: إيتاي لاندسبيرغ - نيفو

 

في دولة الحريديم اليهودية، تتم دراسة التوراة من الصباح حتى الليل. لا يوجد "حماس"، ولا "الجهاد الإسلامي"، ولا "حزب الله"، ولا "جبهة النصرة"، ولا "داعش"، ولا إيران. في الدولة اليهودية الأرثوذكسية المتطرفة يمكن للمرء أن ينام بسلام.

في دولة الحريديم لا مكان لجنود الاحتياط، ولا لأراملهم وأيتامهم، لأنهم يلقون بأوامر التجنيد في المراحيض، كما أنهم ليسوا مضطرين للعمل، حيث يتم تمويل ميزانياتهم من قبل اليهود "الكفار"، الذين يقوم جيشهم بحماية هؤلاء الحريديم، كما تتدفق الأموال عليهم كالماء من مؤسسات الدولة.

في دولة الحريديم، تستمر الحياة كما كانت قبل ألفي عام، لا سفر في يوم السبت والأعياد، وليس مسموحا لأيّ من اليهود الكفار أن ينتهكوا حرمة السبت، فلا يحركوا حصانا أو عربة أو قطارا أو حافلة أو طائرة أو سفينة في هذا اليوم، ومطلوب من الجميع: اليهود الكفار والمسلمين والمسيحيين مراعاة يوم السبت لليهود الحريديم، إما طواعية أو بالقوة، وإذا لم يلتزموا فلن تكون لديهم حكومة.

في الدولة اليهودية المتشددة، يتهربون ويستولون على السلطة. في كل قطعة عقارية، وفي كل حي من أحياء اليهود الزنادقة العلمانيين. إنهم يبنون المعابد، ويطردون النساء الفاسقات بالضرب واللعن.

في الدولة اليهودية المتشددة، هناك أرصفة منفصلة للنساء ونصف الجزء الخلفي من الحافلة للنساء، ويطالبون بالفصل في الجامعات والمدارس، ويجب على النساء تغطية أجسادهن وفي بعض الأماكن وجوههن أيضا.

في الدولة اليهودية الأرثوذكسية المتشددة، لا يتم تدريس الرياضيات أو اللغة الإنجليزية، ولا الكمبيوتر أو الطب.

الله يحمي والله يساعد. إن اقتصاد هذه الدولة اليهودية هو أيضا اقتصاد بمعونة الله.

في الدولة اليهودية المتشددة، يمارَس الصيام خلال أيام "خراب الهيكل"، الأول والثاني. حتى في أيام المنفى. لكنهم لا يصومون في ذكرى الهولوكوست، وبينما يُشرفون على الحياة الزوجية والطلاق والختان ودفن الكفار العلمانيين، فإنه يُحظر على باقي اليهود الزواج والطلاق والدفن وفقا لعاداتهم الخاصة.

في الدولة اليهودية الحريديةن يلتزم اليهود بالأكل الحلال "الكوشير"، حتى العلمانيون اليهود مُلزمون بمراعاته على مدار الساعة، مع أن عادات الأكل هذه يتم تمويلها من أموال اليهود الكفار العلمانيين، مع العلم أن اليهود الحريديم لا يقفون في يوم ذكرى الهولوكوست، ولا يُغنون النشيد الوطني، وعادةً ما يُنزلون العلم الإسرائيلي، ويحرقونه، بزعم أنه علم الدولة اليهودية العلمانية.

آلاف الحاخامات الحريديم يشرفون على حياة اليهود الكفار العلمانيين في كل مطعم وكل منزل، في كل حفل زفاف أو جنازة، وبنظرهم فإن الحياة ليست مقدسة، ولا توجد مشكلة مع الفساد في الدولة اليهودية الحريدية، ويمكن أن تحدث حروب دامية فقط لليهود الكفار العلمانيين، حيث يذهبون للقتال، بينما يبقى الحريديم في منازلهم لدراسة التوراة، بينما يتم فرض قانون التهرب في الكنيست بالقوة لحماية أرواح المراوغين منهم في خيمة التوراة، رغم أن الدولة تخوض حربا وجودية، كما يقول الحاخامات أنفسهم

في الدولة اليهودية العلمانية تنهار الديمقراطية، وقد انهارت الخدمة العامة، الجيش مُنهك، وجنود الاحتياط مُمزقون إربا، وغلاء المعيشة مُبالغ فيه، لكن في الدولة اليهودية الأرثوذكسية المتشددة لا شيء ينهار، بل تنخفض الأسعار، وتزداد خصومات المواصلات العامة على حساب اليهود العلمانيين، وتُخفّض ضرائب الأملاك، والحياة جميلة، وفي النهاية فإن هذه المظاهر التمييزية بين الدولتين: العلمانية والدينية، يعني أن إسرائيل برمّتها في طريق الانتحار.

-----------------انتهت النشرة-----------------